السيد محسن الأمين العاملي في كلام الشيخ محمد جواد مغنية

لا أريد أن أكتب عن الإمام السيد محسن الأمين و علومه و أعماله و مكانته، لأنّي كتبت و نشرت عنه قبل اليوم، و كتب كثيرون غيري في حياته و بعد وفاته، و إنّما أريد أن أقول هنا كلمة موجزة كل الإيجاز:

عاش السيد ٨٧ سنة قضاها في القرية الحقيرة و العاصمة الكبيرة، و في الرحلات إلى العراق و إيران و الحجاز و جالسه الفلّاحون و العمّال، و الملوك الحكّام، و العلماء و الزعماء و رافق الأحداث الجِسام و الثورات و الإنقلابات، و كان في جميع أدواره و حالاته الرجل الطيّب الصريح البسيط العظيم المتواضع لا يعرف التكلّف ولا التزمّت، يعامل الجميع بعقله و ضميره و دينه دون أدنَى اعتبار لجاه أو مال أو نسب، و كان سلوكه هذا مع الناس تماما كسلوكه مع نفسه، كان طالباً صغيراً، و غُلاماً فقيراً لا يعرفه إلا أهل قريته و أترابه في الدرس، ثم أصبح مرجعاً كبيراً للطائفة الشيعية، له شهرة واسعة و مكانة عُظمَى في العالم العربي و الإسلامي و لكنّه بقي كما كان هو هو في سرّه و علانيته و مأكله و ملبسه و حديثه و مجلسه لا يرى لنفسه امتيازاً في شيء، و كان الذي يراه و لا يعرفه بشخصه يظن أنّه من أبناء الشعب العاديين، و قد تجلّى هذا الخلق الكريم في سيرته من أول حياته إلى آخرها، و بخاصة بعدما ثُنيت له الوسادة و أصبح السيد الأول و المرجع الأكبر.

و كان السيد عميق الإحساس و الشعور بآلام البؤساء و الضعفاء، جاءت الحرب [العالمية] الأولى و جاء معها المرض و الجوع و الموت، و كان يسكن السيد في قرية شقراء فواسَى أهلها بنفسه و أولاده و شاركهم في مكاره العيش، و كان يتولَّى تجهيز الموتى و دفنهم لأن المرء يومذاك كان يفرّ من أمّه و أبيه، و زوجته و أخيه، و أُقسم إنّي لا أملك نفسي من البكاء و أنا أقرأ وصفه لما أصاب الناس في تلك السنين الصعاب.

بقلم الشيخ محمد جواد مغنية العاملي


Schreibe einen Kommentar

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert