التاريخ الذي وصل إلينا عبر الكتب المدوّنة بأقلام العلماء حمل بين طيّات صفحاته الكثير من المعلومات والشواهد عن طبيعة الحياة ومكوّناتها في القرون الماضية. ولكن للأسف الشديد لم يبق من صفحات التاريخ جلّه بل ضاع الكثير منه بسبب ظروف مختلفة ليست محلّ البحث هنا. ولكي نعيد رسم الصورة عن مكوّنات الحقبات الماضية في جغرافيا ممتدّة من اسبانيا غربا إلى الصين شرقا لا بدّ لنا أن نرجع إلى ما خطّ في الكتب والرسائل المحفوظة في المكتبات العالمة. التراث الإسلامي يحتاج إلى حماية ودعم مادّي ومعنوي كبير. ويحتاج إلى إعادة قراءة مجرّدة عن التعصّبات الدينيّة والفكريّة.
أعرض لكم في هذا الصدد نسخة من القرآن الكريم كتبت في القرن التاسع الهجري في مدينة حلب الشهباء التي كانت تعرف عبر العصور (وما قبل الحقبة الإسلامية) بشخصيات علميّة متنوّعة من كلّ الديانات والفرق. فهذه المنطقة وهذه المدينة عاشت الكثير من الأحداث لا بدّ أن تحفظ ويكتب عنها خصوصا ما يهمّنا من التاريخ الشيعي الإماميّ فيها.
كتبت بخطّ جميل مقروء واضح، جاء في آخر النسخة:
خَدَمَ بكتابة هذا المُصحف الشّريف العبد الراجي عفو ربّه الغنيّ أحمد بن يحيى – عفا الله عنهما – السابع والعشرين من شهر ذي الحجّة الحرام سنة إحدى وتسعين وثمانماية حامدًا لله تعالى ومصليًّا ومسلّمًا على نبيّه محمّد وآله بمدينة حلب حماها الله عن الكُرَب
